10‏/03‏/2007

قبّحوها قبّحهم اللّه

إنّنا اليوم نستخفّ بأحد أهمّ مقوّمات هويّتنا فأصبحنا غير قادرين عن التّعبيرعن أبسط الأمور بلغتنا العربية وكلامنا التونسي .
تعيش اللغة العربية وهي أحد أهمّ مقوّمات الهويّة التّونسيّة، ظروفا صعبة فهي اليوم في حالة عجيبة وغريبة.
نحن، أهلها والمؤمّنون عليها وكأنّنا نتنافس على التّنصّل منها وتركها واستبدالها لو استطعنا إلى ذلك سبيلا.
كيف يمكن لشعب عريق بتاريخه و ثقافته أن يحوّل نعمة المعرفة والتّعلّم إلى خطر يهدّد لهجته ولغته.ندمن على استعمال المفردات الفرنسيّة في تعاملنا بيننا، ونقلّل من شأننا فنلجأ إلى المفردات الفرنسيّة لذكر أبسط الأمور فنقبّح لغتنا ونحوّل أجمل الكلام إلى بذاءة نستسيغها ونتعوّد عليها فيزيد ذلك من تحقيرنا لأنفسنا.
أيعقل أن يعجز كاهية مدير بوزارة التّجهيز خلال برنامج تلفزي، أن يقول رصيف أو "مادّه" فيقولها بالفرنسيّة بعد بحث عن الكلمة ولكنّها غابت عنه فينجده بها مقدّم البرنامج.
ماذا سيكون جوابنا عندما يسألنا أبناؤنا عن عدم تعلّقنا وعن عدم اعتزازنا بلغتنا؟
هل نجيب أنّ ذلك سببه التفتح على الآخر وأنّ التفتح يعني أن تركب لغة الأجنبي لغتي أو أنّ التفتح يعني الفرنسة؟
أيّ صورة لنا نرسّخ في عقول أبنائنا ونحن لا نعتزّ بهويّتنا العربية؟
من اعتزّ ببلده، لا يعتبر استعمال المفردات الفرنسيّة رفعا من شأنه، ومن يتعلّم الفرنسيّة يتعلّمها كأداة دعم معرفته بالعالم لا كأداة تعامل وتخاطب مع إخوته من نفس هذا البلد الّذي كانت جميلة لغته ولهجته فقبّحوها قبّحهم اللّه.
الشّعب التّونسي أحد أكثر الشّعوب تجانسا لغويّا وعرقيّا، وعلينا أن نحافظ على أحد أهمّ ميزات هذا البلد فلا نترك المدّ الفَرْنسيّ يبعث بيننا عامل تفرقة يكون مصدر طائفيّة لغويّة تهدّد مستقبل ووحدة بلدنا.
أين مثقّفو تونس ومفكّروها ومؤرّخوها الشّرفاء ؟
لا دراسات ولا ندوات تستشرف مستقبل الهويّة التّونسيّة وآلة الفرنسة للغتنا تدور بأقصى طاقاتها ونخبة تونس الشّريفة صامدة ولكنّها صامتة.
لاصوت إلاّ لمن وضع قلمه ومسرحه وأفلامه ومسلسلاته وعلمه في خدمة ٌالإشعاع ً الفرنكوفوني على تونس فيزيدنا مذلّة وتحقيرا.
أين هؤلاء من بلدهم عندما يرتضون له دورا لا يتعدّى حجم إحدى ضواحي باريس المؤهولة بإخوتنا المنحدرين من أصول عربيّة وإفريقية.
ألا تستحقّ تونس دورا ثقافيّا مميّزا ، وهل يصدّق أحدنا أنّه من الممكن لتونس أن تتميّز وتتألّق وهي غير قادرة عن وضع لغتها و لهجتها في الموضع الطّبيعي كلغة التّخاطب الوحيدة بين التّونسييّن رغم لجوئنا إلى الفرنسيّة و غيرها من اللّغات للتّخاطب مع غيرنا أو حتّى مع التّونسيّين الّذين ينشؤون خارج أرض الوطن.
اسأل نفسك: ماذا قدمت لبلدك ولغتك ودينك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق